الرياضات القتالية تبضيع للإنسان

تبضيع الإنسان

على الرغم من كون الحضارة الغربية المعاصرة قامت أول ما قامت ضد الظلم الذي يتعرض له الإنسان في الدول الأوروبية على يد الطبقة الحاكمة وتبرير من الكنيسة إلا أن الإنسان أصبح أسوأ حالا اليوم من قبل فقد خسر إنسانيته وتحول تحت وطأة السوق التي لا ترحم إلى بضاعة أو أقل من بضاعة في أحيان كثيرة، كما يظهر جليا في كثير من المشاهد التي تحيط بنا

من صور تبضيع الإنسان وهدر قيمته الرياضات القتالية التي تقام مبارياتها في الدول الغربية التي تدعي حقوق الإنسان، حيث أن في هذه الرياضات ينتهك الإنسان حرمة أخيه الإنسان فيضربه كيفما استطاع وكل ذلك ليس لأن خصمه يستحق، وإنما فقط لأن الجمهور يريد أن يشاهد تلك المعركة وما تحمله من إثارة تنسيهم الألم النفسي الذي يعيشونه نتيجة بعدهم عن الإسلام الذي عبر الله عنه في قوله: 

﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾ 

[طه: ١٢٤]

إن المرض الذي تكشف عنه الرياضات القتالية مرض خطير وهو موت الفطرة السوية حيث أن الفطرة تقول أنه يجب السعي في إحلال السلام وفض النزاعات بين المتنازعين، لذلك أول ردة فعل لنا عند مشاهدة شجار هي محاولة فصل الخصوم والصلح بينهم، ولكن هذا ينعكس تماما حيث يقوم الجمهور بدفع المال لكلا الطرفين لكي يتقاتلان، فلا تدري أيهما أسوأ حالا المقاتلان أم الجمهور الذي يسعد بالنظر إليهم.

إن الرياضات القتالية وغيرها يؤكد أنه لا قيمة لشيء في عالمنا سوى للمال، وبما أن هذه المباريات تجلب أموال الذين ماتت فطرتهم فهي مباحة من وجهة النظر السوق ولو أدت إلى انتهاك حرمة الإنسان.

إن الإنسان يوم يعيش في نفق مظلم طويل، ميت الفطرة، فاقد للهوية، إن لم يصارع البقاء سحقه المجتمع، لا حياة له إلا بالرجوع إلى الله حيث سوف يكتشف بالنور الذي سوف يجعل الله له 

﴿أَوَمَن كانَ مَيتًا فَأَحيَيناهُ وَجَعَلنا لَهُ نورًا يَمشي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيسَ بِخارِجٍ مِنها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلكافِرينَ ما كانوا يَعمَلونَ﴾ 

[الأنعام: ١٢٢]

أن الحياة ليست لأجل الصراع اللانهائي على الرزق كما يقول صاحب كتاب من حرك قطعة الجبن الخاصة بي، فالرزق مضمون ومحمد قبل ميلاد الإنسان، وإنما هي سعي للحصول على الكمال الروحي من خلال مجاهدة هوى النفس وطاعة أوامر رب العالمين.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-