معنى كلمة الرب في اللغة وفي القرآن

كلمة الرب من الكلمات الأساسية التي يجب معرفة معناها حتى نفهم القرآن، فهي محورية في فهم الكثير من الآيات، لذلك سوف نتعلم في هذا المقال القصير معنى كلمة الرب في اللغة وفي القرآن، وذلك عبر المحاور التالية: 

معنى كلمة الرب في اللغة 

عند البحث في القواميس نجد أن معاني الرب تدور في مُجملها على السيادة المطلقة، سواء صاحبتها ملكية كما هي الحال مع الله سبحانه، فهو مالك العباد وربهم، وسواء لم تصاحبها ملكية للمربوب كربة البيت، فقد جاء في التاج: 

(الرَّبُّ) هُوَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ، وَهُوَ رَبُّ كلِّ شيءٍ، أَي مالِكُه، لَهُ الرُّبُوبِيَّةُ على جَمِيعِ الخَلْقِ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ رَبُّ الأَرْبَابِ، ومَالِك المُلوكِ والأَمْلاَكِ، قَالَ أَبو مَنْصُور:! والرَّبُّ يُطْلَقُ فِي اللُّغَة على المَالِكِ، والسَّيِّدِ، والمُدَبِّرِ، والمُرَبِّي، 

الزبيدي، تاج العروس، ٢/٤٥٩

فالمالك، والسيد، والمدبر، والمربي، كلمات معانيها تشترك كلها في السيادة على المربوب.

معنى كلمة الرب في القرآن

معنى كلمة الرب في اللغة وفي القرآن

في القرآن الكريم وردت كلمة الرب في مواضع كثيرة جدا، وهي في الغالب إذا أريد بها الله سبحانه تأتي بمعنى الخالق والآمر صاحب السلطة المطلقة، يقول ربنا عز وجل معرِّفا للناس مَن ربهم: 

﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ يَطلُبُهُ حَثيثًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمرِهِ أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾ 

[الأعراف: ٥٤]

فقد جمعت هذه الآية معاني الرب كلها، فهو الخالق الذي خلق كل شيء، وهو المدبر الذي يدير الكون، وهو صاحب الأمر المطلق، ومن ثم فهي هنا تأخذ معنى الإله المعبود الذي بيده ملكوت كل شيء.

أتت كلمة الرب في مواضع عدة بمعنى المالك من بينها قوله تعالى: 

﴿إِنَّ اللَّهَ رَبّي وَرَبُّكُم فَاعبُدوهُ هذا صِراطٌ مُستَقيمٌ﴾ 

[آل عمران: ٥١]

أي أن الله هو مالكي ومالكِكُم فاعبدوه هذا صراط مستقيم، لانكم ملكه لذلك يجب أن تخضعوا له وحده.

وردت كلمة الرب بمعنى السيد صاحب السلطة فقط دون المالك في قول الله تعالى مخبرا عن يوسف صلى الله عليه وسلم متحدثا إلى غلام الملك 

﴿وَقالَ المَلِكُ ائتوني بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسولُ قالَ ارجِع إِلى رَبِّكَ فَاسأَلهُ ما بالُ النِّسوَةِ اللّاتي قَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ إِنَّ رَبّي بِكَيدِهِنَّ عَليمٌ﴾ 

[يوسف: ٥٠]

فيوسف قال له أن يرجع إلى ربه، ويقصد بها الملك، فهو رب الغلام من حيث أنه سيده سيادة مطلقة.

نستنتج مما سبق أن كلمة الرب في القرآن تعني الإله المعبود وتعني أيضا السيد صاحب الأمر والنهي.

معنى كلمة الرب في عُرفنا وتأثيره على فهمنا للقرآن والإسلام

إن كلمة الرب في عُرفنا اسم علَمٌ يدل على الله سبحانه وتعالى فقط، وهي بمعنى الخالق، بمعنى أنها عندنا أقرب ما تكون إلى اسم جامد علمٍ.

جهل معنى كلمة الرب جعلنا نفقد معاني آيات كثيرة متربطة بمفهوم الإيمان، فمثلا عندما يقول أحدنا :

رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا 

فإنه يعني رضيت بالله خالقا وهذا ليس هو المعنى المطلوب، فالله خالق كل شيء، وإنما المقصود معبودا مطاعا.

كذلك جعلنا جهلنا لمعنى كلمة الرب نتخذ أربابا من دون الله نطيعهم ولكننا لا نسميهم أربابا، كما سبق وشرحت بالتفصيل في بحث تعريف العبادة.

كذلك جهلنا لمعنى كلمة الرب جعلنا لا نفهم معنى قول فرعون الذي أخبرنا الله عنه في: 

﴿فَقالَ أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى﴾ 

[النازعات: ٢٤]

وقوله: 

﴿وَقالَ فِرعَونُ يا أَيُّهَا المَلَأُ ما عَلِمتُ لَكُم مِن إِلهٍ غَيري﴾ 

[القصص: ٣٨]

فتَصورنا أن فرعون من السخافة والطغيان بحيث يقول أنه هو الله جل جلاله، وهو لم يدع ذلك، وإنما قال أنه صاحب السلطة العليا، فهذا هو معنى الإله ومعنى الرب، وهو أمر صحيح في تصور فرعون وشعبه، فهو السلطة العليا بحسب القانون المتبع عندهم.

وهذا بالضبط ما عندنا في الدساتير التي تكرس الديمقراطية، حيث تنص أن الشعب هو صاحب السلطة العليا أي الرب الأعلى.

مما يؤكد ما سبق هو كون فرعون وشعبه معترفون بالله، وبأنه يرسل الرسل، فالله قد أخبرنا على لسان مؤمن آل فرعون: 

﴿وَلَقَد جاءَكُم يوسُفُ مِن قَبلُ بِالبَيِّناتِ فَما زِلتُم في شَكٍّ مِمّا جاءَكُم بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلتُم لَن يَبعَثَ اللَّهُ مِن بَعدِهِ رَسولًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن هُوَ مُسرِفٌ مُرتابٌ﴾ 

[غافر: ٣٤]

فكما ترى يزعم فرعون وقومه أن الله لن يبعث من بعد يوسف صلى الله عليه وسلم رسولا.

أكثر من ذلك، فرعون معترف بالملائكة كما قال ربنا سبحانه مخبرا عنه: 

﴿فَلَولا أُلقِيَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنينَ﴾ 

[الزخرف: ٥٣]

لذلك فرعون لم يكن من السخافة بحيث يدعي أنه الله، أو أنه خالق قومه، ولم يكن من الجهل بحيث ينكر وجود الله، وإنما كان يقول أنه صاحب السلطة العليا، وهذا لم يكن منكرا من القول عند قومه، فهم كانوا يطيعونه طاعة مطلقة، وهذا بالضبط ما يحدث مع السلطات التي نخضع لها في بلداننا وإن كنا لا نسميها أربابا.

أرجو أن يكون معنى الرب قد اتضح لك، وأن لا تتخذ ربا إلا الله، ولأجل ذلك سبق وكتبت بحثا يعينك على التعرف على الأرباب الذين نخضع لهم بشكل لاشعوري قبل التمرد عليهم بعنوان كيف نكون مسلمين حقا.

في الأخير نسعد بأي سؤال أو ملاحظة حول الموضوع، وفقنا الله وإياكم لعبادته كما يحب ويرضى آمين.

تحميل المقال بصيغة pdf

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-