كيف نطبق الإسلام اليوم

كيف نطبق الإسلام اليوم

كيف يمكننا تطبيق الإسلام اليوم في حين أن كل العالم سوف يحاربنا بكل الوسائل المتاحة له؟

هل يجب لكي نطبق الإسلام أن نلجأ إلى العنف والقتال المسلح كما يفعل الجهاديون؟

أم أنه يجوز لنا الخضوع لقوانين البشر بحجة أننا مستضعفون وليس بوسعنا فعل أي شيء؟

للإجابة على سؤال كيف نطبق الإسلام اليوم علينا الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتأسي بطريقة تطبيقه للإسلام في مثل ظروفنا التي نعيش اليوم، فهو القدوة التي يجب علينا اتباعها.

إن واقعنا اليوم شبيه تماما بواقع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدأ الدعوة في مكة، فهو ساعتها كان المسلم الوحيد المحاط بالكفار، وهذا واقعنا اليوم، لأنه للأسف لا يجود مجتمع مسلم بما تحمل الكلمة من معنى، فالكل خاضع لغير الله جل جلاله، لذلك علينا التأسي بوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، واتباعه خطوة خطوة لكي نحقق الإسلام المرضي عند الله .

لكي يسهل علينا فهم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ومن ثم يسهل علينا اتباعه، قسمت الموضوع إلى المحاور التالي

مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة

لقد  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سيد مكة، وكان فخذه من قريش بنو هاشم سادات مكة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الدعوة أكثر شخص يحبه أهل مكة، نظرا لأخلاقه وكرمه، وقد لقبوه بالصادق الأمين كما هو معروف.

هذه المكانة وفرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحماية الضرورية لكي يقوم بالدعوة علنا، فقومه بنوا هاشم كانوا يمنعونه من قريش أغلب الفترة المكية.

بالنسبة لك أنت، إذا كانت تتوفر لك الحماية حيث أنت، بحيث تستطيعُ نشر الدعوة، ففيما يلى خطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتتبعها، أما إذا لم تكن تتوفر لك الحماية فهناك حلول بديلة سوف أعرضها عليك في نهاية المقال إن شاء الله.

كيف طبق رسول الله الإسلام في مكة

يمكن تقسيم تطبيق رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام في مكة إلى ثلاثة مراحل كما يلي:

إعلان الإسلام 

عندما تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالدعوة وقف على جبل الصفا ونادى جميع بطون قريش ليعلن لهم أنه نذير لهم بين يدي عذاب أليم كما ورد في الحديث:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: 

لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين}. صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي).  قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا، فنزلت: {تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب}.

البخاري، صحيح البخاري تحقيق د. البغا، دار اليمامة، الطبعة الخامسة، حديث 4492

هذا الإعلان في غاية الأهمية، فهو جزء أساسي من الإسلام كما رأينا مع إبراهيم صلى الله عليه وسلم في بحث كيف نكون مسلمين حقا، لأنه إعلان للمفاصلة مع أهل الباطل.

أنت أيضا خطوتك الأولى هي الإعلان بكل الوسائل المتاحة أنك نذير لقومك من عذاب الأليم وذلك بدعوتهم إلى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تأسيس الجماعة المسلمة سرا

بعد هذا الإعلان بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فردا فردا، وكان يأمر كل من أسلم منهم بكتمان إسلامه.

كما كان بالإضافة إلى دعوة المشركين يجتمع بأصحابه سرا في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ليعلمهم ويربيهم بما نزل عليه من الوحي حتى يقوى إيمانهم ويكونوا مستعدين لتحمل أعباء الدين.

هذه المرحلة استمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة سنوات أصبحت الجماعة المسلمة فيها من القوة والكثرة بحيث يستحيل إبادتها، لذلك أصبحت مستعدة للدخول في مرحلة جديدة تنتقل فيها من السرية إلى العلن.

أنت أيضا عليك دعوة من تأمل إسلامه والعمل على المحافظة على سرية جماعتك وتربيتها بالقرآن المكي إلى أن تصل إلى مرحلة من القوة والكثرة بحيث لا يمكن القضاء عليها، حيث سوف تنتقل إلى الخطوة التالية

إعلان الجماعة المسلمة 

بعد أن قويت الجماعة المسلمة التي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلن عنها، ليبدأ فصلا جديدا من الإسلام وهو الأصعب، حيث كان المسلمون يتعرضون للتعذيب والتنكيل وكان عليهم أن يصبروا على ذلك ويتحملوه، ويثبتوا على الدينهم القائم على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله.

هذه المرحلة سوف تستمر إلى أن يجد المسلمون أرضا يقيمون عليها دولتهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بقي في هذه المرحلة حتى هاجر إلى المدينة وأقام دولة الإسلام.

إذن يمكن القول أن تطبيق الإسلام لا يحتاج سوى الصبر والتحمل، فليس على المسلم الفرد أن يقاتل أحدا حتى يكون تحت ظل الدولة المسلمة.

حلول بديلة

إذا لم تكن تتوفر لك الحماية لكي تعلن الإسلام، ولم تكن مستعدا لتحمل السجن والتعذيب فهناك حلان يمكنك القيام بأحدهما

الهجرة في أرض الله الواسعة

يمكنك الهجرة في البراري الواسعة وعبادة الله هناك، فانت هناك لن تكون تحت سلطان أحد غير الله سبحانه، وهذا ما أرشد إليه ربنا عن وجل في قوله:

﴿يا عِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ أَرضي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعبُدونِ﴾ 

[العنكبوت: ٥٦]

وهذا الحل متاح للجميع فأرض الله واسعة، وحيثما كنت سوف يرزقك الله جل جلاله.

الهجرة إلى شعب صغير مستقل

يتمثل هذا الحل في البحث عن مجتمع صغير مستقل بحيث لا يفرض على المرء أي قانون ويسمح بالدعوة إلى الله على غرار الحبشة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد هاجر إليها المسلمون لأنها لم تكن تفرض عليهم قانونا غير شرع الله، فملكها لا يظلم عنده أحد. 

هذا النوع من المجتمعات يمكن أن يوفر ملجأ للمسلم، كما يمكن أن نواة لتكوين مجتمع مسلم بإذن الله تعالى

نجد هذا نوع من المجتمعات في جنوب آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا .

الخلاصة

في المحصلة تطبيق الإسلام يسير، فهو إما أن يكون بدعوة أقوامنا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، أو بالهجرة في أرض الله الواسعة إذا لم نستطع الدعوة.

This article is available in English 

تحميل المقال بصيغة pdf

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-