كيف أتأكد من أنني مسلم حقا ؟

السؤال :

انا الحمدلله اصلي كل الصلوات الفرائض الرواتب الضحى-الشفع الوتر-التهجد و اقرأ اذكار الصباح و المساء و الاستيقاظ و بعد الصلاة و النوم و اقرا القرآن و مبتعد عن كل ماهو محرم و لكن اريد ان اتقرب من الله اكثر و لدي تأنيب ضمير أنني ما زلت مقصر هل من نصائح ؟

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا أشكرك على توجيه هذا السؤال المهم جدا لي ، لأني أعتقد أنه يضع اليد على الجرح الذي يجب أن نعالجه .

إن الله أنعم علينا بأن بعث إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم بالبينات والهدى ليخرجنا من الظلمات إلى النور :

﴿هُوَ الَّذي يُنَزِّلُ عَلى عَبدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخرِجَكُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُم لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾

[الحديد: ٩]

لذلك كل ما علينا فعله هو التفيش في هذا النور عن العلامات التي تدل على أن المرء فعلا على الطريق الصحيح ، فإذا وجدناها سكن روعنا ، وتمسكنا بالطريق الذي نحن عليه، وإن لم نجدها نبحث عن مكمن الخلل ، لنعالجه قبل فوات الآن، فهل أنت مستعد للبحث ؟

استعدادك مهم جدا ، لأنه دليل على صدقك ، وهو ضروري لتطبيق ما سوف يسفر عنه البحث ، لذلك يجب أن تكون مستعدا للبحث .

عند البحث في القرآن الكريم والسنة عن العلامات الدالة على الإيمان ، نجد وعود الله للمؤمنين ، فالله لا يخلف الميعاد ، فمتى تحققت هذه الوعود ، دل ذلك على أن أصحابها فعلا مؤمنين ، وعلى الصراط المستقيم ، وإن لم تتحقق ، فهذا يعني أن أصحابها ليسوا على الصراط المستقيم ، فالله لا يخلف الميعاد ، أليس كذلك ؟

نجد ربنا عز وجل يعد المؤمنين بالابتلاء الشديد في عدة آيات منها :

﴿أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَسَّتهُمُ البَأساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلزِلوا حَتّى يَقولَ الرَّسولُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ مَتى نَصرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصرَ اللَّهِ قَريبٌ﴾

[البقرة: ٢١٤]

ومنها :

﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾

[البقرة: ١٥٥]

﴿لَتُبلَوُنَّ في أَموالِكُم وَأَنفُسِكُم وَلَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا أَذًى كَثيرًا وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الأُمورِ﴾

[آل عمران: ١٨٦]

وفعلا تحققت هذه الوعود لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان عليهم ، فقد زلزلوا زلزالا شديدا :

﴿هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾

[الأحزاب: ١١]

وقد زادت تلك الابتلاءات إيمان المؤمنين ، فهي دليل على صدق الوعد ، وقد أخبر عنهم ربنا بقوله:

﴿وَلَمّا رَأَى المُؤمِنونَ الأَحزابَ قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَما زادَهُم إِلّا إيمانًا وَتَسليمًا﴾

[الأحزاب: ٢٢]

لذلك السؤال المباشر الذي عليك أن تطرحه على نفسك هو :

هل تحقق لي وعد الله ، هل ابتليت في سبيل الله بالدرجة التي تحدثت عنها الآيات ؟

أنت وحدك من يستطيع أن يجيب على هذا السؤال ، لذلك عليك أن تكون صريحا مع نفسك في الإجابة .

فيما يلي سوف أفترض أنك أجبت بلا ( وهذا ما لا أرجوه لك، ولكني افترضه لعل الإجابة يطلع عليها من إجابته هي النفي ، فينتفع بما سوف أقوله )

إذا لم يتحقق لك وعد الله للمؤمنين ، فإن السؤال المباشر الذي يطرح نفسه ، لماذا لم يتحقق لي وعد الله للمؤمنين كما تحقق للصحابة رضوان الله عليهم ؟

ألست مؤمنا مثلهم ؟

بلى ، أنا مؤمن ، فأنا أصلي ، وأصوم ، وأقرأ القرآنَ ، وأقوم الليل ، فلو لم أكن مؤمنا ، لما قمت بكل ذلك .

إذن أين المشكلة ؟

انطلاقا من قوله تعالى:

﴿الَّذي خَلَقَ المَوتَ وَالحَياةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزيزُ الغَفورُ﴾

[الملك: ٢]

فإننا نحتاج جودة العمل أكثر من كثرة العمل، فالله قال أحسن عملا ، ولم يقل أكثركم عملا ، لذلك نحتاج أن ندقق على جودة الأعمال التي نقوم بها ، بدلا من كثرتها ، وهذا ما سوف أقترح أن نهتم به فيما يلي :

هل أنا مؤمن حقا؟

ذكرت أنك تصلي .

هذا جيد ، ولكن سوف أسألك هل أنت صادق في صلاتك ؟

أنت تقول في كل ركعة من صلاتك :

﴿إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ﴾

[الفاتحة: ٥]

فهل فعلا لا تعبد إلا الله ، ولا تستعين إلا بالله ؟

ما معنى العبادة أصلا ، حتى نتاكد من كوننا لا نصرفها إلا الله ؟

سوف أجيبك بخلاصة بحث عن معنى العبادة يمكنك قراءته بعد هذه الإجابة .

العبادة هي الخضوع والتذلل والطاعة ، لذلك عند قولك :

إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ

فإنك تقول لا أخضع إلا لك ربي .

فهل أنت فعلا لا تخضع إلا لله ؟

ماذا عن قانون الدولة الوضعي الذي تتحاكم إليه كلما دخلت في مشكلة ، والكل خاضع له ؟

هو ليس شرع الله قطعا ، ولا يدعي ذلك أصلا ، فكيف إذن تخضع له ، وأنت بلا شك تعلم أنه دين مستقل عن الإسلام ، فأنت قد مررت بقوله تعالى:

﴿فَبَدَأَ بِأَوعِيَتِهِم قَبلَ وِعاءِ أَخيهِ ثُمَّ استَخرَجَها مِن وِعاءِ أَخيهِ كَذلِكَ كِدنا لِيوسُفَ ما كانَ لِيَأخُذَ أَخاهُ في دينِ المَلِكِ إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ وَفَوقَ كُلِّ ذي عِلمٍ عَليمٌ﴾

[يوسف: ٧٦]

في دين الملك أي قانون الملك .

ماذا عن الشيوخ لذين تتبع فتاويهم رغم كونهم لا يقولون لك أنها حكم الله قطعا ؟

ماذا عن عادات مجتمعك التي تخالف الشرع ، ومع ذلك أنت خاضع لها خوفا من نبذ المجتمع لك ؟

أنا آسف ، ولكن يبدو أنك لم تكن صادقا في صلاتك ، ومن ثم فإن صلاتك لن تنفعك ، فالله لا يقبل إلا الصدق .

إنك إذا صدقت في صلاتك ، سوف تبدأ فورا وعود الله بالتحقق لك ، فالدولة سوف تعتبرك خارجا عن القانون ، وبالتالي السجن والتعذيب سوف يكون مصيرك تماما ، كما حدث مع المؤمنين دوما ، وخذ مثال سحرة فرعون شاهد على ذلك ، فهم حين أعلنوا :

﴿قالوا آمَنّا بِرَبِّ العالَمينَ۝رَبِّ موسى وَهارونَ﴾

[الأعراف: ١٢١-١٢٢]

أتاهم التهديد المباشر من فرعون :

﴿قالَ فِرعَونُ آمَنتُم بِهِ قَبلَ أَن آذَنَ لَكُم إِنَّ هذا لَمَكرٌ مَكَرتُموهُ فِي المَدينَةِ لِتُخرِجوا مِنها أَهلَها فَسَوفَ تَعلَمونَ۝لَأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُم وَأَرجُلَكُم مِن خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُم أَجمَعينَ﴾

[الأعراف: ١٢٣-١٢٤]

لأنهم بإيمانهم برب العالمين تمردوا على جميع سلطات البشر بما فيها سلطة فرعون ، وهذا هو الإسلام  حيث يسلم المرء نفسه لله ، فلا يأتمر بغير أمر الله جل جلاله.

أيها الفاضل لا تزال لديك الفرصة ، وشعورك بالنقص رحمة من الله بك سوف يدفعك إلى مصارحة نفسك ، وإسلام نفسك لله قبل فوات الأوان ، أسأل الله لي ولك الهداية والصلاح والنجاح .

ملاحظة : 

يمكنكم طرح أسئلتكم علينا عبر صفحة اسألنا وسوف نجيبكم في أقرب فرصة ممكنة إن شاء الله.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-